الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ

شعبان .. حديث ذاك شهر يغفل الناس عنه .. ترفع فيه الأعمال

قال الإمام أحمد في المسند (36/ 85) (21753 ) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا ثابت بن قيس أبو غصن،[1] حدثني أبو سعيد المقبري،[2] حدثني أسامة بن زيد، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام يسرد حتى يقال: لا يفطر، ويفطر الأيام حتى لا يكاد أن يصوم إلا يومين من الجمعة، إن كان في صيامه، وإلا صامهما، ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان، فقلت: يا رسول الله، إنك تصوم لا تكاد أن تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما قال: ” أي يومين؟ ” قال: قلت: يوم الاثنين، ويوم الخميس. قال: ” ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ” قال: قلت: ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال: ” ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين،فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم.

وخرجه النسائي في المجتبى (2357) وفي الكبرى (2678) عن عمر بن علي عن عبد الرحمن (ابن مهدي)، قال: حدثنا ثابت بن قيس أبو الغصن، شيخ من أهل المدينة قال: حدثنا أبو سعيد المقبري،قال: حدثني أسامة بن زيد، قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم».

قال الألباني في إرواء الغليل (4/ 103): وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير ثابت بن قيس قال النسائى: ” ليس به بأس ” وقال أحمد ثقة. وقال أبو داود: ليس حديثه بذاك. وقال المنذرى فى ” مختصر السنن ” (3/320) : ” وهو حديث حسن.اهـ

وقال ابن رجب في لطائف المعارف (ص: 130) …وقد ظهر بما ذكرناه وجه صيام النبي صلى الله عليه وسلم لشعبان دون غيره من الشهور وفيه معان أخر: وقد ذكر منها النبي في حديث أسامة معنيين:

أحدهما: أنه شهر “يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان” يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان الشهر الحرام وشهر الصيام اشتغل الناس بهما عنه فصار مغفولا عنه وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيامه لأنه شهر حرام وليس كذلك وروى ابن وهب قال: حدثنا معاوية بن صالح عن أزهر بن سعد عن أبيه عن عائشة قالت: ذكر لرسول الله ناس يصومون رجبا؟ فقال: “فأين هم عن شعبان”.

وفي قوله: “يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان” إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه إما مطلقا أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس فيشتغلون بالمشهور عنه ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم.

وفيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة وأن ذلك محبوب لله عز وجل كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشاءين بالصلاة ويقولون: هي ساعة غفلة ولذلك فضل القيام في وسط الليل المشمول الغفلة لأكثر الناس فيه عن الذكر.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الليلة فكن” .. ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يؤخر العشاء إلى نصف الليل وإنما علل ترك ذلك لخشية المشقة على الناس، ولما خرج على أصحابه وهم ينتظرونه لصلاة العشاء قال لهم: “ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم”. وفي هذا إشارة إلى فضيلة التفرد بذكر الله في وقت من الأوقات لا يوجد فيه ذاكر له ولهذا ورد في فضل الذكر في الأسواق ما ورد من الحديث المرفوع والآثار الموقوفة حتى قال أبو صالح: إن الله ليضحك ممن يذكره في السوق وسبب ذلك : أنه ذكر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة …

وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد:

أنه يكون أخفى وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل لا سيما الصيام فإنه سر بين العبد وربه ولهذا قيل: إنه ليس فيه رياء وقد صام بعض السلف أربعين سنة لا يعلم به أحد كان يخرج من بيته إلى سوقه ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته وكانوا يستحبون لمن صام أن يظهر ما يخفي به صيامه. فعن ابن مسعود: أنه قال: إذا أصبحتم صياما فأصبحوا مدهنين وقال قتادة: يستحب للصائم أن يدهن حتى تذهب عنه غبرة الصيام . وقال أبو التياح: أدركت أبي ومشيخة الحي إذا صام أحدهم ادهن ولبس صالح ثيابه ويروى أن عيسى بن مريم عليه السلام قال: “إذا كان يوم صوم أحدكم فليدهن لحيته وليمسح شفتيه من دهنه حتى ينظر الناظر إليه فيرى أنه ليس بصائم”….

ومنها: أنه أشق على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس وسبب ذلك : أن النفوس تتأسى بما تشاهد من أحوال أبناء الجنس فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم كثر أهل الطاعة لكثرة المقتدين بهم فسهلت الطاعات وإذا كثرت الغفلات وأهلها تأسى بهم عموم الناس فيشق على نفوس المستيقظين طاعاتهم لقلة من يقتدون بهم فيها ولهذا المعنى قال النبي صلى الله عليه وسلم “للعامل منهم أجر خمسين منكم إنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون” وقال: “بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء” وفي رواية قيل: ومن الغرباء: قال: “الذين يصلحون إذا فسد الناس”.

 

للاستزادة : المصدر

 

نقله الكاتب : حسين عبد الله – منتدى سحاب